البنية التحتية الجديدة للخصوصية في Ethereum: تحليل معمق لكيفية تحقيق Aztec لـ "الخصوصية القابلة للبرمجة"

من لغة Noir إلى Ignition Chain، تحليل شامل لبنية الخصوصية الكاملة في Ethereum.

الكاتب: ZHIXIONG PAN

في العقد الثاني من تطور تقنية البلوكشين، يواجه القطاع مفارقة فلسفية وتقنية جوهرية: فرغم أن Ethereum كـ "حاسوب العالم" قد نجحت في ترسيخ طبقة تسوية القيمة بدون ثقة، إلا أن شفافيتها الجذرية أصبحت عائقًا أمام التبني الواسع النطاق. حاليًا، كل تفاعل للمستخدمين على السلسلة، وتوزيع الأصول، وتحويل الرواتب، وحتى العلاقات الاجتماعية، مكشوفة في سجن بانورامي عام ودائم لا يمكن تعديله. هذه الحالة الشبيهة بـ"بيت الزجاج" لا تنتهك السيادة الفردية فحسب، بل ترفض أيضًا معظم رؤوس الأموال المؤسسية بسبب غياب حماية الأسرار التجارية.

يمثل عام 2025 نقطة تحول حاسمة في إجماع القطاع. فقد صرح Vitalik Buterin، الشريك المؤسس لـ Ethereum، بوضوح أن "الخصوصية ليست ميزة، بل هي ضرورة صحية"، معرفًا إياها كأساس للحرية وشرط ضروري للنظام الاجتماعي. كما أن الإنترنت لم يزدهر في التجارة الإلكترونية إلا بعد الانتقال من HTTP إلى HTTPS المشفر، فإن Web3 يقف عند نقطة تحول مماثلة. بدعم تمويلي يقارب 119 مليون دولار، تدفع Aztec Network (بنية Ignition) من خلال Ignition Chain، ونظام لغة Noir، وتطبيقات إثبات مثل zkPassport المبنية على Noir، نحو ترقية بنية تحتية للخصوصية القابلة للبرمجة في Ethereum.

السرد الكلي: من اختراق النقاط الفردية إلى دفاع الخصوصية الشامل

لم يعد فهم الخصوصية في نظام Ethereum مقتصرًا على بروتوكولات خلط العملات الفردية، بل تطور إلى بنية "الخصوصية الشاملة (Holistic Privacy)" التي تمتد عبر طبقات الشبكة، والعتاد، والتطبيقات. وقد أصبحت هذه النقلة النوعية محور اهتمام القطاع في مؤتمر Devconnect لعام 2025، حيث تم التأكيد على أن حماية الخصوصية يجب أن تتمتع بعمق دفاعي كامل عبر جميع الطبقات.

إعادة بناء معايير البرمجيات: Kohaku وعناوين Stealth Meta

يمثل تنفيذ Kohaku المرجعي، الذي تقوده مجموعة استكشاف الخصوصية في Ethereum Foundation (PSE)، انتقال تقنيات الخصوصية من "إضافات برية" إلى "قوات نظامية". فـ Kohaku ليس مجرد حزمة تطوير للمحافظ (SDK)، بل يسعى لإعادة بناء نظام الحسابات من الأساس.

من خلال إدخال آلية "عناوين Stealth Meta"، يسمح Kohaku للجهة المستقبلة بنشر مفتاح عام ثابت فقط، بينما يقوم المرسل باستخدام التشفير البيضاوي لإنشاء عنوان سلسلة فريد لكل معاملة.

بالنسبة للمراقبين الخارجيين، تبدو هذه المعاملات وكأنها أرسلت إلى ثقوب سوداء عشوائية، ولا يمكن ربطها بهوية المستخدم الحقيقية. بالإضافة إلى ذلك، يوفر Kohaku مكونات تكامل قابلة لإعادة الاستخدام حول آليات stealth meta-address / stealth addresses، ويسعى لنقل قدرات الخصوصية من كونها "إضافات" إلى بنية تحتية معيارية للمحافظ.

الخط الدفاعي الأخير للعتاد: ZKnox ومقاومة التهديدات الكمية

إذا كان Kohaku يحمي المنطق البرمجي، فإن ZKnox، كمشروع ممول من Ethereum Foundation (EF) ويعالج نقص العتاد في النظام البيئي، يركز على حل أعمق لمشاكل أمان المفاتيح والتهديدات المستقبلية. مع انتشار تطبيقات ZK، أصبح المزيد من الشهود الحساسين (الذين قد يتضمنون مواد مفاتيح أو بيانات هوية أو تفاصيل معاملات) بحاجة للمشاركة في عمليات الإثبات والتوقيع على الطرف النهائي، مما يزيد من مخاطر التسرب عند اختراق العميل. يركز ZKnox على جعل التشفير المقاوم للكم في Ethereum "قابلًا للاستخدام ورخيصًا بما فيه الكفاية"، من خلال تحسينات بنية تحتية مثل الدفع نحو تنفيذ ما قبل التجميع لتقليل تكلفة حسابات lattice cryptography، ممهداً الطريق للانتقال المستقبلي إلى مخططات توقيع PQ.

والأهم من ذلك، في مواجهة التهديد المحتمل الذي قد تشكله الحوسبة الكمية على التشفير البيضاوي التقليدي في ثلاثينيات هذا القرن، يركز ZKnox على "جعل التشفير المقاوم للكم في Ethereum قابلًا للاستخدام ورخيصًا بما فيه الكفاية". على سبيل المثال، يقترح EIP-7885 إضافة تنفيذ NTT المسبق لتقليل تكلفة التحقق من lattice cryptography (بما في ذلك حلول مثل Falcon) على السلسلة، ممهداً الطريق للانتقال المستقبلي إلى PQ.

المكانة التاريخية والبنية التقنية لـ Aztec: تعريف "حاسوب العالم الخاص"

في تطور مسار الخصوصية، تحتل Aztec مكانة بيئية فريدة. فهي تختلف عن آليات الأسماء المستعارة في عصر Bitcoin، وتتجاوز الخصوصية "المعاملاتية" التي تقدمها Zcash أو Tornado Cash، إذ تهدف Aztec إلى تحقيق "خصوصية قابلة للبرمجة" مكتملة تورينغ. ويضم فريقها الأساسي أحد المخترعين المشاركين لنظام إثبات المعرفة الصفرية PLONK، مما يمنح Aztec قدرة أصلية قوية في علم التشفير.

نموذج الحالة الهجينة (Hybrid State): كسر المثلث المستحيل

أكبر تحدٍ في بناء منصة عقود ذكية خاصة هو كيفية معالجة الحالة. فإما أن تكون جميع الحالات عامة (مثل Ethereum)، أو جميعها خاصة (مثل Zcash). وقد ابتكرت Aztec نموذج حالة هجين: على المستوى الخاص، تستخدم نموذج UTXO المشابه لـ Bitcoin، حيث يتم تخزين أصول وبيانات المستخدمين كـ "سندات (Notes)" مشفرة.

تعبر هذه السندات عن "تم إنفاقها/انتهت صلاحيتها" من خلال توليد nullifier مطابق، مما يمنع الإنفاق المزدوج ويحافظ على خصوصية محتوى السندات وعلاقتها بالملكية. وعلى المستوى العام، تحتفظ Aztec بحالة عامة قابلة للتحقق، ويتم تحديث هذه الحالة بواسطة وظائف عامة في بيئة تنفيذ عامة على الشبكة.

تسمح هذه البنية للمطورين بتعريف وظائف خاصة وعامة في نفس العقد الذكي. على سبيل المثال، يمكن لتطبيق تصويت لامركزي أن يعلن عن "إجمالي عدد الأصوات" كحالة عامة، بينما يبقي "من صوت" و"ماذا صوت" سريين عبر الحالة الخاصة.

نموذج التنفيذ المزدوج: تناغم PXE وAVM

يتم تقسيم تنفيذ Aztec إلى طبقتين: وظائف خاصة تُنفذ في PXE على العميل وتولد إثباتات وارتباطات بالحالة الخاصة؛ وتحويلات الحالة العامة ينفذها sequencer (يعمل في بيئة تنفيذ عامة/VM)، ويولد (أو يفوض شبكة prover) إثباتات صحة يمكن التحقق منها على Ethereum.

• إثبات العميل (Client-Side Proving): جميع معالجة البيانات الخاصة تحدث محليًا في "بيئة التنفيذ الخاصة (PXE)" للمستخدم. سواء في إنشاء المعاملات أو حساب المنطق، لا يغادر مفتاح المستخدم الخاص وبياناته الصريحة جهازه أبدًا. يتولى PXE تشغيل الدائرة محليًا وتوليد إثبات معرفة صفرية.
• التنفيذ والتحقق العام (AVM): يرسل المستخدم فقط الإثبات المولد إلى الشبكة. يتحقق sequencer/لجنة إنتاج الكتل من الإثبات الخاص أثناء التجميع ويعيد تنفيذ الجزء العام، ويتم تنفيذ منطق العقد العام في AVM ويُدرج في إثبات صحة نهائي يمكن التحقق منه على Ethereum. هذا الفصل بين "المدخلات الخاصة على العميل وتحويل الحالة العامة القابلة للتحقق" يضغط تعارض الخصوصية وقابلية التحقق إلى حدود واجهة قابلة للإثبات، دون الحاجة لرؤية جميع البيانات الصريحة على الشبكة.

التشغيل البيني والتواصل بين الطبقات: Portals والرسائل غير المتزامنة

في بنية Ignition، لا تتعامل Aztec مع Ethereum كـ "محرك تنفيذ خلفي" لتشغيل أوامر DeFi، بل تبني تجريدًا للتواصل بين L1↔L2 عبر Portals. نظرًا لأن التنفيذ الخاص يتطلب "التحضير والإثبات" مسبقًا على العميل، بينما يجب تنفيذ تعديل الحالة العامة من قبل sequencer في رأس السلسلة، تم تصميم استدعاءات Aztec عبر المجالات كنموذج رسائل أحادية الاتجاه وغير متزامنة: يمكن لعقد L2 إرسال نوايا استدعاء إلى بوابة L1 (أو العكس)، وتصبح الرسائل قابلة للاستهلاك في الكتل اللاحقة عبر آلية rollup، ويجب على التطبيقات التعامل صراحة مع حالات الفشل والتراجع.

يتولى عقد rollup مسؤوليات رئيسية مثل الحفاظ على جذر الحالة، والتحقق من إثباتات تحويل الحالة، ونقل حالة قائمة الرسائل، مما يحقق تفاعلًا مركبًا مع Ethereum مع الحفاظ على قيود الخصوصية.

المحرك الاستراتيجي: لغة Noir وديمقراطية تطوير المعرفة الصفرية

إذا كانت Ignition Chain هي جسد Aztec، فإن لغة Noir هي روحها. لفترة طويلة، كان تطوير تطبيقات إثبات المعرفة الصفرية مقيدًا بـ"مشكلة الدماغين"، حيث يجب أن يكون المطور خبيرًا في علم التشفير ومهندسًا ماهرًا في نفس الوقت، ويحتاج يدويًا لترجمة منطق الأعمال إلى دوائر حسابية وقيود متعددة الحدود، مما يجعل العملية بطيئة وعرضة للثغرات الأمنية.

قوة التجريد وعدم الاعتماد على الخلفية

ظهرت Noir لإنهاء عصر "برج بابل" هذا. كلغة مفتوحة المصدر متخصصة في المجال (DSL)، تعتمد Noir على بنية حديثة شبيهة بـ Rust، وتدعم الحلقات، والهياكل، واستدعاء الدوال، وغيرها من الميزات المتقدمة. وفقًا لتقرير مطوري Electric Capital، فإن حجم الشيفرة اللازمة لكتابة منطق معقد بـ Noir يعادل عُشر الشيفرة في لغات الدوائر التقليدية (مثل Halo2 أو Circom). على سبيل المثال، بعد انتقال شبكة Payy للمدفوعات الخاصة إلى Noir، تقلصت قاعدة الشيفرة الأساسية من عدة آلاف إلى حوالي 250 سطرًا فقط.

الأكثر أهمية استراتيجيًا هو "عدم اعتماد Noir على الخلفية (Backend Agnosticism)". يتم تجميع شيفرة Noir إلى طبقة تمثيل وسيطة (ACIR)، ويمكن ربطها بأي نظام إثبات يدعم هذا المعيار.

تفصل Noir من خلال ACIR تعبير الدائرة عن نظام الإثبات المحدد: في بروتوكول Aztec الافتراضي يتم استخدام Barretenberg، بينما يمكن خارج السلسلة أو في أنظمة أخرى تحويل/تكييف ACIR إلى Groth16 أو خلفيات أخرى. تمنح هذه المرونة Noir مكانة معيارية عامة في مجال ZK، وتكسر الحواجز بين الأنظمة البيئية المختلفة.

انفجار النظام البيئي وخندق المطورين

تثبت البيانات نجاح استراتيجية Noir. في تقرير Electric Capital السنوي، احتلت Aztec/Noir المرتبة ضمن أسرع خمسة أنظمة بيئية نموًا في عدد المطورين لعامين متتاليين. يوجد حاليًا أكثر من 600 مشروع على GitHub يستخدم Noir، تغطي التحقق من الهوية (zkEmail)، والألعاب، وبروتوكولات DeFi المعقدة.

من خلال تنظيم مؤتمر المطورين العالمي NoirCon، لم تعزز Aztec خندقها التقني فحسب، بل رعت أيضًا نظامًا بيئيًا نشطًا لتطبيقات الخصوصية الأصلية، مما يبشر بانفجار كمبري قادم لتطبيقات الخصوصية.

حجر الأساس الشبكي: ممارسة اللامركزية في Ignition Chain

في نوفمبر 2025، أطلقت Aztec Ignition Chain على شبكة Ethereum الرئيسية (في هذه المرحلة يركز على تجارب إنتاج الكتل وإثباتها بشكل لامركزي، ومن المتوقع فتح المعاملات وتنفيذ العقود تدريجيًا في أوائل 2026). هذا ليس مجرد إنجاز تقني، بل ممارسة جريئة لالتزام Layer 2 باللامركزية.

شجاعة البدء باللامركزية

في سباق التوسع Layer 2 الحالي، تعتمد معظم الشبكات (مثل Optimism وArbitrum) في مراحلها الأولى على مُرتب مركزي واحد لضمان الأداء، وتؤجل اللامركزية إلى مستقبل غير محدد.

اختارت Aztec مسارًا مختلفًا تمامًا: منذ البداية، تعمل Ignition Chain بهيكل لجنة من المدققين/المرتبين اللامركزيين، وتنقل الصلاحيات الأساسية إلى مجموعة مفتوحة من المدققين قدر الإمكان. بعد وصول قائمة المدققين إلى عتبة الانطلاق البالغة 500، تم تفعيل الكتلة التأسيسية، وجذبت الشبكة أكثر من 600 مدقق للمشاركة في إنتاج الكتل والتصديق عليها في المراحل الأولى بعد الإطلاق.

هذا التصميم ليس ترفًا، بل هو الحد الأدنى لبقاء شبكة الخصوصية. إذا كان المرتب مركزيًا، يمكن للجهات التنظيمية أو السلطات بسهولة الضغط عليه لمراجعة أو رفض معاملات الخصوصية لعناوين معينة، مما يجعل الشبكة عديمة الجدوى. يلغي تصميم المرتب/اللجنة اللامركزية نقطة الفشل الواحدة في الرقابة، ويزيد بشكل كبير من مقاومة الرقابة على المعاملات طالما يوجد مشاركون صادقون ويفترض صحة البروتوكول.

خارطة طريق الأداء

رغم أن اللامركزية جلبت الأمان، إلا أنها فرضت تحديات على الأداء. حاليًا، يبلغ وقت إنتاج الكتل في Ignition Chain حوالي 36-72 ثانية. تهدف خارطة طريق Aztec إلى تقليص هذا الفاصل تدريجيًا إلى حوالي 3-4 ثوانٍ (الموعد المستهدف نهاية 2026) من خلال موازاة توليد الإثباتات وتحسين طبقة الشبكة، لتقترب من تجربة التفاعل على شبكة Ethereum الرئيسية. هذا يمثل انتقال شبكة الخصوصية من "قابلة للاستخدام" إلى "عالية الأداء".

التطبيق القاتل: zkPassport والتحول في نموذج الامتثال

التقنية باردة بطبيعتها حتى تجد سيناريو تطبيقيًا يحل ألمًا حقيقيًا للبشر. zkPassport هو في الواقع أحد أدوات إثبات الهوية/إشارات الامتثال في نظام Noir، وتستخدمه Aztec في سيناريوهاتها الخاصة لإجراء فحوصات قوائم العقوبات وغيرها من إثباتات الامتثال "بأقل إفصاح"، مستكشفة بذلك حلول وسط بين الخصوصية والامتثال.

من جمع البيانات إلى التحقق من الحقائق

تتطلب عمليات KYC التقليدية من المستخدمين تحميل صور جواز السفر أو الهوية إلى خوادم مركزية، مما يجعل العملية معقدة ويخلق العديد من مستودعات البيانات المعرضة للهجوم. يقلب zkPassport هذا المنطق رأسًا على عقب: فهو يستخدم شريحة NFC المدمجة في جوازات السفر الإلكترونية الحديثة وتوقيعات الحكومة الرقمية، ويقرأ ويحقق من معلومات الهوية محليًا عبر اتصال فعلي بين الهاتف والجواز.

بعد ذلك، تولد دائرة Noir إثبات معرفة صفرية في بيئة الهاتف المحلية للمستخدم. يمكن للمستخدم إثبات "أنه تجاوز 18 عامًا"، أو أن "جنسيته ضمن القائمة المسموح بها/غير مدرج في قائمة الولايات القضائية المحظورة"، أو "لم يظهر في فحص قوائم العقوبات"، دون الكشف عن تاريخ الميلاد الكامل أو رقم الجواز أو غيرها من التفاصيل.

مقاومة هجمات Sybil ودخول المؤسسات

تتجاوز أهمية zkPassport التحقق من الهوية. من خلال توليد معرف مجهول قائم على الجواز، يوفر أداة قوية لمقاومة هجمات Sybil في حوكمة DAO وتوزيع الإيردروب، مما يضمن عدالة "صوت واحد لكل شخص" ويمنع تتبع هوية المستخدم الحقيقية.

عمليًا، من المتوقع أن تقلل هذه الإشارات القابلة للتحقق وبأقل إفصاح من احتكاك الامتثال للمؤسسات المشاركة في التمويل على السلسلة، لكنها لا تعادل عمليات KYC/AML الكاملة. يمكن للمؤسسات إثبات مؤهلاتها الامتثالية عبر zkPassport والمشاركة في الأنشطة المالية على السلسلة دون الكشف عن استراتيجيات التداول أو حجم الأموال. تثبت Aztec من خلال هذا التطبيق أن الامتثال لا يعني بالضرورة بناء سجن بانورامي، بل يمكن للتقنية تحقيق متطلبات التنظيم وحماية الخصوصية الفردية في آن واحد.

النموذج الاقتصادي: المزاد المستمر للتصفية (CCA) والتوزيع العادل

باعتبارها وقود الشبكة اللامركزية، يعكس آلية إصدار الرمز الأصلي AZTEC أيضًا السعي الأقصى للعدالة من قبل فريق المشروع. تخلت Aztec عن نماذج الإصدار التقليدية التي تؤدي إلى سباق الروبوتات (Sniping) وحروب Gas، وأدخلت بالتعاون مع Uniswap Labs آلية "المزاد المستمر للتصفية (CCA, Continuous Clearing Auction)" المبتكرة.

اكتشاف السعر ومكافحة MEV

تسمح آلية CCA للسوق بالمنافسة الكافية لاكتشاف السعر الحقيقي ضمن نافذة زمنية محددة. في كل دورة تصفية ضمن CCA، تتم التسوية بسعر تصفية موحد، مما يقلل من فرص السباق على التنفيذ والمزايدة على Gas. تقضي هذه الآلية فعليًا على أرباح المتسابقين، وتضع المستثمرين الأفراد والحيتان على خط بداية واحد.

السيولة المملوكة للبروتوكول

الأكثر ابتكارًا أن CCA تحقق حلقة مغلقة تلقائية بين الإصدار وبناء السيولة. يمكن لعقد المزاد، وفقًا لمعايير معلنة مسبقًا، ضخ (جزء من) عائدات المزاد والرموز تلقائيًا في مجمع سيولة Uniswap v4، مكونًا حلقة مغلقة "إصدار→سيولة" يمكن التحقق منها على السلسلة.

هذا يعني أن رمز AZTEC يمتلك سيولة قوية على السلسلة منذ لحظة ولادته، متجنبًا تقلبات الأسعار الحادة الشائعة عند إدراج العملات الجديدة، وحاميًا مصالح المشاركين الأوائل في المجتمع. وغالبًا ما يُستخدم هذا النمط الأصلي لـ DeFi في الإصدار وتوجيه السيولة لتوضيح كيف يمكن لـ AMM أن تتوسع من "بنية تحتية للتداول" إلى "بنية تحتية للإصدار".

الخاتمة: بناء "عصر HTTPS" لـ Web3

تقوم Aztec Network، من معيار لغة Noir في الطبقة السفلية إلى تطبيق zkPassport في الطبقة العليا، وصولًا إلى دعم الشبكة عبر Ignition Chain، بتحويل "ترقية HTTPS" التي طالما حلم بها مجتمع Ethereum إلى واقع هندسي قابل للاستخدام. هذا ليس مجرد اختبار تقني معزول، بل يتناغم مع مبادرات Ethereum الأصلية مثل Kohaku وZKnox، ليبني معًا نظام دفاع خصوصية متعدد الطبقات من العتاد إلى التطبيقات.

إذا كان تطور البلوكشين في بدايته قد رسخ تسوية القيمة بدون ثقة (Value Settlement)، فإن الموضوع الأساسي القادم سيكون ترسيخ السيادة والسرية على البيانات. في هذه العملية، تلعب Aztec دورًا أساسيًا في البنية التحتية: فهي لا تحاول استبدال شفافية Ethereum، بل تكملها من خلال "الخصوصية القابلة للبرمجة". ومع نضج التقنية وتحسن أطر الامتثال، يمكننا أن نتطلع إلى مستقبل تصبح فيه الخصوصية "خاصية افتراضية" وليست "ميزة إضافية"، ومستقبل يجمع بين قابلية التحقق من دفتر الحسابات العام واحترام الحدود الرقمية الفردية في "حاسوب العالم الخاص".